مدونة بلاليكا سياسية - ساخرة من الفساد المتفشي في الوطن العربي

Post Top Ad

Sunday, September 23, 2018

خراب مصر





حديث مجلة “الايكونوميست” عن “خراب مصر” هل هو “رسالة تحذير” ام انعكاس لحالة يأس من الاصلاح؟ ولماذا جاء رد الفعل الرسمي “اتهاميا”؟ وهل الوضعان السياسي والاقتصادي على هذه الدرجة من الخطر فعلا؟ وهل توصياتها قابلة للتنفيذ؟

نتيجة بحث الصور عن ‫صورة السيسي nnn2‬‎


نزل التقرير الذي احتل صورة غلاف مجلة “الايكونوميست” البريطانية الشهيرة، وحمل عنوان “خراب مصر”، نزول الصاعقة على الكثير من النخب السياسية والاقتصادية المصرية، ناهيك عن اهل الحكم، لما تضنه من تشريح للواقعين الاقتصادي والسياسي، ومدعم بالمعلومات والحقائق الدامغة، ورسم صورة متشائمة للحاضر، واكثر تشاؤما للمستقبل.


المجلة المعروفة برصانتها تنبأت بثورة شبابية اكثر عنفا في المستقبل، لان خيارات الشباب المصري الذي تصل معدلات البطالة في صفوفه الى اكثر من 40 بالمئة، محدودة في خيارين “افضلها الهجرة، واسوأها التطرف”، ولكن اخطر ما في التقرير، وافتتاحية المجلة، هو قولها “الرئيس عبد الفتاح السيسي اكثر قمعا من الرئيس حسني مبارك، واقل كفاءة من الرئيس محمد مرسي”، واكدت “ان النظام المصري يحتضر ولا تبقيه على قيد الحياة الا حقن الانعاش المالي الخليجية”.

الشعب المصري المسحوق ربما لا يسمع، او يعرف بمجلة اسمها “الايكونوميست”، وبالكاد يقرأ صحف بلاده، ويواجه حملات تضليل مكثفة من معظم محطات التلفزة المصرية التي تنقسم الى قسمين: الاول ترفيهي يغرقه في المسلسلات والبرامج الهابطة، التي تريد تخديره وابعاده عن اي محاولة لفهم الواقع المعيشي الصعب، والثاني: سياسي تسيطر عليه برامج الحوارات “التوك شو” التي تستضيف خبراء في تزوير الحقائق على الارض، ورسم صورة وردية عن المستقبل، ونعترف بأن هناك استثناءات محدودة.

المشكلة في مصر ليست اقتصادية فقط، وانما خليط من عدة عناصر، ابرزها الفساد والبيرقراطية، والتعليم، وانهيار الخدمات العامة، وغياب الرؤية الادارية والاصلاحية في المجالات كافة، وحالة التآكل والهرم التي تعيشها مؤسسات الدولة وهياكلها، وتراجع قيم العمل وحوافز الانتاج، واتساع الفجوة بين الفقراء والاغنياء.

مجلة “الايكونوميست” تعتقد ان اعلان الرئيس السيسي عدم ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2018 قد يكون خطوة ايجابية، وهذا ما ازعج السلطات المصرية واغضبها، لانها اعتبرت هذه المطالبة تهجما على الرئيس وتدخلا في شؤون مصر الداخلية، ولكنها لا تتطرق مطلقا الى الاحتقان السياسي المتضخم في البلاد ايضا، وينتظر عود الثقاب الذي قد يفجره والمتمثل في غياب المصالحة الوطنية، والبرلمان المنتخب بنزاهة وشفافية، وارساء دعائم ديمقراطية حقيقية عنوانها الحريات، والقضاء المستقل، والعدالة الاجتماعية، وهي العناوين الرئيسية لثورة شباط (فبراير) المصرية التي اطاحت بحكم الرئيس مبارك.

الشعب المصري لا يحتاج الى مجلة بريطانية لكي تشرح له اوضاعه السيئة، وظروفه المعيشية المتدهورة، فهو يعيش هذه الاوضاع يوميا، ويعاني من الغلاء وتدهور الخدمات، وارتفاع معدلات البطالة، ومن المؤلم انه ليس استثناء في منطقة تواجه معظم شعوبها حالة الاحتقان، وانسداد الافق نفسه، والاكثر من ذلك حروب دموية طاحنة ودمار شامل.

صحيح ان هناك انجازات مثلما جاء في رد وزارة الخارجية المصرية اهملتها المجلة، ولكنها تظل محدودة بالقياس الى حجم الازمة والاخطار التي يمكن ان تترتب عليها، ولا يخامرنا ادنى شك بأن الخارجية المصرية، التي تمثل مدرسة دبلوماسية عريقة، تدرك جيدا ان هذه المجلة “الايكونوميست” لا تتحدث باسم المعارضة المصرية الاخوانية، وليس لها عداء شخصي مع القيادة المصرية، والرئيس السيسي على وجه الخصوص، ويجب اخذ حلولها بشكل موضوعي، والعمل بها او بعضها.


ما يحتاجه الشعب المصري هو الحكم الرشيد الذي يجمع كل ابنائه تحت مظلته، ويحقق التعايش بين جميع الوان الطيف السياسي والديني على قدم والمساواة، ويعيد مصر الى مكانتها ودورها الطليعي والقيادي في المنطقة، وتجديد التأكيد على هويتها العربية الوطنية في مواجهة اعدائها واعداء الامة الحقيقيين.

No comments:

Post a Comment