تركيا تتاجر فى لحم السوريين.. "سبوتنيك" تكشف: مسلحون يدعون إسعاف الجرحى ويسرقون أعضاء 15 ألف شخص.. ضحية: سرقوا كليتى بعد إصابتى بقذيفة.. الطب الشرعى يوثق 18 ألف حالة.. وطبيب: تورط أنقرة لا يخفى على أحد
Balalaika
أحد ضحايا تجارة الأعضاء بحلب
يومًا بعد يوم تثبت الوقائع وحقائق الأرض أن سلوك المجرمين منظومة واحدة ومتكاملة، لا فارق فيها بين ممارسات سياسية أو عسكرية، ولا بين سلطة ودولة قانونية ولها حضور جغرافى وتاريخ مستقل، وبين ميليشيات وعصابات إرهابية، هذا ما تكشف عليه أحدث المعلومات المتكشفة بشأن الواقع السورى، والتى تشكف تورط "داعش" وغيره من الميليشيات فى دماء السوريين وأرواحهم وانتهاك عصمة أجسادهم، بالقدر نفسه الذى تتورط به تركيا، الدولة التى تدعى المدنية والتطور واحترام حقوق الإنسان، إذا سلّمنا بهذا الادعاء وتغاضينا عن تاريخها مع المذابح والجرائم الإنسانية، أو واقع جرائمها بحق الأكراد، أو حتى عن دعمها لطوابير الإرهابيين المهددين للدولة السورية، فمع نجاح الجيش الوطنى السورى فى تحرير مدينة حلب من قبضة الميليشيات المسلحة، تتكشف أركان جديدة من مؤامرة عامة شاملة أحاطت بالدولة السورية، وضربت أكثر من موضع فيها، فمع زوال خطر وجرائم الإرهاب عن المدينة الشهباء، انكشفت جرائم أخرى لا تقل فى بشاعتها وشدتها عن رصاص التطرف، الذى أرهق سوريا خلال السنوات الماضية، فهناك فى الخفاء، حيث تدور المعارك بين الجيش العربى السوري وتنظيم "داعش" والحركات والجماعات الإرهابية، كانت معركة أخرى من نوع ثانٍ تدور رحالها، أبطالها ليسوا إرهابيين، ولكنهم منتفعون وأصحاب مصلحة من سقوط ضحايا، إذ يبحثون عن جثة هنا، أو مريض هناك، لينتهكوا جسده، ويحصلوا من أحشائه على مكاسب حرام.
الجريمة غير الإنسانية التى صاحبت جرائم التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة فى سوريا، تمثّلت فى استغلال السوريين فى تجارة الأعضاء البشرية، وطالت 15 ألف سورى خلال سنوات الحرب، مع تسارع الأحداث فى الأحياء الشرقية فى حلب، والعمل على إخلاء المدنيين، ظهرت حقائق جديدة لم تكن معلومة، وجرائم كانت تحدث بشكل منظم ومدروس، فبينما كان الإرهاب يخطف الأرواح، كان هناك آخرون يخطفون من السوريين ما تبقى من أجسادهم، "كلية، كبد، عين، قلب".. مافيا منظمة وإجرامية الطابع لم تترك شيئًا في الجسد السورى إلا وسرقته، دون مُحاسب ولا ملاحق ولا حتى موثق.
ضحايا تجارة الأعضاء فى معارك سوريا يروون حكاياتهم
نهشت تجارة الأعضاء البشرية أجساد السوريين، لتنضم لقائمة المصائب التى تلاحق شعبًا يحاول الجميع افتراسه، وخلال الآونة الأخيرة تكررت الأنباء التى تتحدث عن قيام مسارعة مجموعات من المسلحين لإسعاف الجرحى بشكل عاجل، قبل أن يتضح أن ما يبدو فى ظاهره إسعافًا وعملاً إنسانيًّا، هو فى حقيقة الأمر جريمة ونشاط منظم لسرقة الأعضاء البشرية، تمهيدًا لنقلها عبر الحدود التركية، وفق منظومة عمل "مافياوية".
العم أبو محمد ذو الـ60 عامًا، أحدى ضحايا الإرهاب، تحدث لمراسل وكالة "سبوتنيك" الروسية، قائلاً: "لا أريد الذهاب إلى محافظة إدلب، أريد أن أبقى فى حلب، وأن أعيش مهع ضحايا سرقة الأعضاء، وأنا منهم، بعدما أصبت بقذيفة صاروخية، إذ قام مسلحون بإسعافى، وتمّت سرقة كليتى وقسم من الطحال، وفى حال حدوث انفجار لأى سبب من الأسباب، تسارع مجموعة من الأشخاص إلى موقع الانفجار، بحجة إسعاف الجرحى وانتشال الجثث، والادعاء أن بعض الجرحى أعيدوا إلى ذويهم بعد فترة من الزمن".
هذه الحالة ليست الأولى من نوعها، كما تؤكد "علياء" التى بقيت حتى وقت قريب مقيمة فى حى "بستان القصر"، الخاضع لسيطرة مسلّحى "جبهة النصرة"، وتقول علياء: "عرض علينا العلاج فى أحد المشافى التركية، لعدم توفر العلاج فى الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة المعارضة، إذ كان يتعرض الحى للضرب العشوائى بشكل شبه يومى، ما يخلف وراءه عديدًا من المصابين والجرحى والقتلى".
وتكمل السيدة السورية حديثها قائلة: "تنشط التجارة بشكل كبير عند الحدود التركية، فكل شىء مباح حتى تجارة النساء، وبيع جثث الضحايا لقاء 25 ألف ليرة سورية للجثة الواحدة، و150 ألف ليرة للجريح الحى، ففى كل يوم يتم تزويد المشافى بأعداد كبيرة من المصابين، نظرًا لاتخاذ المعارك على الأرض منحى أعنف".
هيئة الطب الشرعى بحلب: توثيق 18 ألف حالة سرقة أعضاء
الاتجار فى الأعضاء البشرية يمكن تسميته بالجريمة الصامتة، فلا ينظر إليه أحد ولا يتم الحديث عنه إلا فى العموميات، فى ظل غياب أيّة إحصائية أو جهة رسمية تلاحقه، فآخر إحصائية تحدثت عن هذه الجريمة أشارت إلى توثيق 18 ألف حالة لسرقة أعضاء بشرية فى الشمال السورى.
وبحسب تصريح هيئة الطب الشرعى فى مدينة حلب لمراسل "سبوتنيك"، فإن عمليات سرقة الأعضاء البشرية فى حلب سهلة جدا، نتيجة القرب مع الحدود التركية التى تسهل عمليات دخول وخروج القاطنين فى أماكن سيطرة العصابات الإرهابية، إضافة إلى ظهور أشخاص فى الأحياء الشرقية من جنسيات مختلفة، يتظاهرون بتقديم خدمات إنسانية، وهم فى الأصل "مافيا"، يتعاملون مع أطباء غير سوريين، ويهربون الأعضاء البشرية خارج الحدود.
طبيب سورى: حالات التورط التركى بعشرات الآلاف ولم تعد خافية على أحد
من جهة ثانية، يؤكد الدكتور بهجت عكروش، أنه تم فصل عديد من الأطباء السوريين، بعد التأكد من تعاملهم مع جهات خارجية لبيع الأعضاء البشرية، مستغلين ظروف الحرب، لافتًا إلى أن المافيا تنشط فى المناطق الساخنة، وخصوصًا المناطق الشمالية والشرقية ومخيمات اللاجئين، وذلك على مرأى ومسمع من حكومات تلك الدول، دون أن تحرك ساكنًا.
ويوضح "عكروش" فى حديثه عن هذه الظاهرة، أن معظم من يتعرضون لهذا الأمر أطفال فى المناطق الشمالية، إذ يوجد أكثر من 100 ألف طفل سورى فى مخيمات اللجوء بتركيا، معرضين للمصير عينه، وخاضعين لأنواع مختلفة من الاتجار والاستغلال، وما يزيد من المخاوف أن أكثر من 80% من النازحين فى مخيمات اللجوء خارج الحدود من الأطفال والنساء، يُتاجر بهم خلال سنوات الأزمة، فقد قُدّرت حالات التورط التركى الذى لم يعد خافيًا على أحد بعشرات الآلاف.
وأضاف الدكتور عكروش: "فى خضم الحرب التى تُشَن على سوريا، أصبحت عملية الحصول على أعضاء السوريين أسهل، حيث تتم سرقة الأعضاء عبر مافيات منظمات، طبية وغير طبية، تستهدف السوريين بدءًا من الكشف على الضحايا، وتستهدف الأصحاء، فأعضاء المرضى غير مرغوب فيها، وتتم العملية عبر دول عدة، وذلك بدءا من الحصول على الأعضاء وإرسالها عبر الترانزيت إلى الدول التى ينبغى الوصول إليها"، لافتًا إلى صعوبة سرقة الأعضاء فى الدول الآمنة، فالقوانين والحالة الأمنية لا تسمح، وسوريا من الدول النادرة التى توجد فيها رقابة على الاتجار بالبشر، والقانون السورى يعاقب عليه.
No comments:
Post a Comment