مدونة بلاليكا سياسية - ساخرة من الفساد المتفشي في الوطن العربي

Post Top Ad

Wednesday, June 21, 2017

العلاقة الحرام بين بريطانيا والاخوان

العلاقة الحرام بين بريطانيا والإخوان.. بدأت منذ نشأة الجماعة بدعم الدولة الإنجليزية لحسن البنا بأموال طائلة لإفساد القومية العربية.. وتوطدت بإصدار لندن قانونا يمنح اللجوء السياسى للتنظيم رغم العنف

الإثنين، 26 سبتمبر 2016 06:43 م
العلاقة الحرام بين بريطانيا والإخوان.. بدأت منذ نشأة الجماعة بدعم الدولة الإنجليزية لحسن البنا بأموال طائلة لإفساد القومية العربية.. وتوطدت بإصدار لندن قانونا يمنح اللجوء السياسى للتنظيم رغم العنفابراهيم منير امين التنظيم الدولى للاخوان

سعد الدين إبراهيم يكشف: ثروات الإخوان فى لندن تقدر بـ10 مليارات دولار

فجأة ودون مقدمات، أعلنت قيادات كبرى فى جماعة الإخوان تفويض صلاحيات محمود عزت القائم بأعمال مرشد الإخوان إلى إبراهيم منير أمين التنظيم الدولى والمقيم فى لندن، ورغم انتشار هذه المعلومة داخل جماعة الإخوان وتصديق البعض لها، إلا أن طلعت فهمى المتحدث باسم الجماعة أصدر بيانًا يكذب هذه المعلومة، وبين المعلومة وتكذيبها هناك حقيقة جلية كالشمس فى النهار، ألا وهى أن العقل المدبر للجماعة يشارك فيه القيادات المقيمة فى لندن، وعلى رأسهم أمين التنظيم الدولى إبراهيم منير.
مشاركة قيادات إخوان المقيمين فى لندن فى القرار الإخوانى، ووجودهم داخل بريطانيا بحرية كاملة، وعقد الإخوان اجتماعات مغلقة داخل بريطانيا، يطرح العديد من التساؤلات، أبرزها ما هى العلاقة بين الإخوان بريطانيا؟ وهل هذه العلاقة حديثة العهد، أم قديمة منذ نشأت الجماعة؟ ثم لماذا رفضت بريطانيا إدراج الجماعة منظمة إرهابية حتى الآن؟ ولماذا تصر بريطانيا على إيواء عناصر الإخوان؟
فى السطور التالية إجابات على هذه التساؤلات، بالإضافة عن استغلال بريطانيا للإخوان وجعلها أداة لمواجهة لمحاربة القوى الوطنية فى الدول العربية.
 لم تكن علاقة الإخوان ببريطانيا حديثة العهد، بل هى منذ نشأة الجماعة، وصدر فى هذا الشأن كتب عربية وإنجليزية ترصد العلاقة بين الدولة الإنجليزية والجماعة، أما حديثا فتجلى ارتباط الجماعة بلندن، بعدما أصدر حكومة لندن برئاسة تريزا ماى قرارا يتيح لعناصر الإخوان، غير المتورطين فى أعمال عنف فى حق الحصول على اللجوء السياسى وذلك فى شهر أغسطس الماضى، وقد وذكر التقرير الصادر عن حكومة لندن عدة أسماء من قيادات الإخوان مؤهلة للحصول على هذا اللجوء السياسى وكان فى مقدمتهم مختار العشرى، القيادى الإخوانى وعضو المكتب القانونى للجماعة.
وبعدها مباشرة استطاعت الإخوان عقد عدة مؤتمرات صحفية فى الجامعات البريطانية أبرزهم جامعة لندن وأكسفورد للدعوة إلى ما يسمونه بالعصيان المدنى داخل مصر، ولقاء تم أيضا بين مكتب التنظيم الدولى وأعضاء لجنة الشئون الخارجية بالعموم البريطانى حول فكر جماعة الإخوان، حضرها كل من مها عزام رئيسة المجلس الثورى المؤيد للإخوان، وجمال حشمت عضو مجلس شورى الإخوان، وحمزة زوبع القيادى الإخوانى، وآخرون.

الإخوان وبريطانيا فى العهد الملكى والجمهورى..استغلال انجليزى لجماعة إسلامية

أما عن العلاقة التاريخية بين الإخوان ولندن، تكشفها الوثائق، الموجودة بكتاب إنجليزى يحمل اسم "العلاقات السرية" للكاتب مارك كيرتس وقد صدر فى 2010، حيث أشار إلى وجود صلات قوية بين الإنجليز، والجماعة منذ النصف الأول من القرن الماضى، ويتحدث من خلال وثائق بريطانية رفعت عنها السرية مؤخرا، حول توطيد العلاقات من خلال التمويل والتخطيط لإفشال المنطقة العربية والإسلامية.
وبدأ "كيرتس" توثيق العلاقة بداية من الحرب العالمية الثانية، حيث قال: شهدت جماعة الإخوان المسلمين نموا ملحوظا بقيادة حسن البنا، والذى يسعى لتأسيس مجتمع إسلامى ليس فى مصر فقط، ولكن فى كل أقطار الدول العربية؛ ولذلك أنشأ العديد من الفروع لجماعته، فى كل من السودان والأردن وسوريا وفلسطين وشمال إفريقيا، وذلك بهدف إقامة دولة إسلامية تحت شعار "القرآن دستورنا"، التزم الإخوان بالتقيد الصارم لتعاليم الإسلام، وقدمت نفسها للمجتمعات الأوروبية على أنها بديلا للحركات الدينية وحركات القومية العلمانية والأحزاب الشيوعية فى مصر والشرق الأوسط، وذلك لجذب انتباه كل من بريطانيا العظمى والولايات المتحدة، وهما القوتان الموجودتان على الساحة فى تلك الفترة.
وأضاف "كيرتس": "كانت بريطانيا تعتبر مصر بمثابة محورا مهما لها فى الشرق الأوسط، وذلك منذ إعلان الحماية البريطانية على مصر فى بداية الحرب العالمية الأولى، لتهيمن الشركات البريطانية فى الفترة بين الحرب العالمية الأولى والثانية، على الاستثمار الأجنبى والحياة التجارية فى مصر، فى حين كانت أكبر قاعدة عسكرية للقوات البريطانية موجودة فى قناة السويس، زادت التحديات للوجود البريطانى فى مصر بتزايد الحركات القومية والدينية، فى حين كان الملك فاروق حليفا للندن، الذى تولى العرش فى عام 1936.
فى عام 1936 دعا الإخوان المسلمين للجهاد ضد اليهود فى فلسطين، وأرسلوا متطوعين هناك بعد مطالبة المفتى بالجهاد هناك، اعتبرت جماعةُ الإخوان بريطانيا دولةً ظالمةً، ودعت لمقاومة الاحتلال البريطانى فى تلك الفترة، والذى تنامى خاصة بعد تمرد فلسطين خلال السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية، فى بداية الأمر انتهجت بريطانيا استراتيجية قمعية ضد الإخوان، خاصة بعد تحالفها مع القوى السياسية الأخرى، ولكن فى الأربعينيات ومع مهادنة حكومة فاروق لحسن البنا، بدأت بريطانيا فى تمويل جماعة الإخوان منذ عام 1940، حيث رأى فاروق أنه من المفيد التحالف مع قوى سياسية أخرى، ضد الأحزاب السياسية العلمانية والتى كان يمثلها حزب الوفد، ويشير تقرير للمخابرات البريطانية عام 1942، حيث قرر القصر الملكى أن جماعة الإخوان جماعة مفيدة لهم، ومن هنا بدأت رعاية القصر الملكى لهم، وحتى يومنا هذا تم رعاية العديد من المجتمعات الإسلامية فى مصر من قبل الحكومة البريطانية، لمعارضة خصوم له أو لتعزيز مصالحهم.
 وبحسب الكاتب الإنجليزى مارك كيرتس مؤلف كتاب "العلاقات السرية" فقد مولت بريطانيا جماعة "الإخوان المسلمين" فى مصر سرا، من أجل إسقاط نظام حكم الرئيس السابق جمال عبدالناصر، التمويل الذى بدأ عام 1942 استمر بعد وفاة عبدالناصر، رغم استخدام الرئيس الراحل أنور السادات الجماعة لتدعيم حكمه وتقويض تواجد اليسار والناصريين فى الشارع المصرى، واستمرت بريطانيا فى اعتبار الجماعة «سلاحاً يمكن استخدامه»، وفى الخمسينيات- وفقا للكتاب نفسه- تآمرت بريطانيا مع الجماعة لاغتيال عبدالناصر، وكذلك الإطاحة بالحكومات القومية فى سوريا.
ويؤكد الكاتب الإنجليزى أنه فى عهد الزعيم الراحل جماعة عبد الناصر، اعتبرت بريطانيا الجماعة بمثابة المعارضة لهذا النظام، التى يمكن استخدامها لتقويضه، وعقد مسئولون اجتماعات مع قادة الجماعة كأداة ضد النظام الحاكم فى مفاوضات الجلاء، وخلال العدوان الثلاثى عام ١٩٥٦، أجرت بريطانيا اتصالات سرية مع الإخوان، وعدد من الشخصيات الدينية كجزء من خططها للإطاحة بعبدالناصر، أو اغتياله، وكان اعتقاد المسئولين البريطانيين فى ذلك الوقت يركز على احتمالية تشكيل الإخوان الحكومة الجديدة بعد الإطاحة بعبدالناصر على أيدى البريطانيين، وفى مارس ١٩٥٧، كتب تريفور إيفانز، المسؤول فى السفارة البريطانية، الذى قاد اتصالات سابقة مع «الإخوان» قائلا: إن اختفاء نظام عبدالناصر ينبغى أن يكون هدفنا الرئيسى.
 وقال الكاتب الانجليزى فى كتابه: "هدف بريطانيا من وراء دعم المنظمات الإسلامية فى ذلك الوقت هو التصدى للتيار القومى، الذى اكتسب شعبية كبيرة، والحفاظ على الانقسامات فى منطقة الشرق الأوسط، وجعلها تحت سيطرة سياسات منفصلة، لضمان عدم وجود قوة فاعلة وحيدة فى الشرق الأوسط تسيطر على المنطقة- وهو ما كان يسعى عبدالناصر لتحقيقه ويدعمه فيه المؤيدون للقومية العربية، التى كانت التهديد الأبرز لمصالح بريطانيا، خاصة النفطية، خلال عقدى الخمسينيات والستينيات.
"التواطؤ البريطانى مع الإسلام الراديكالي"، والذى وثق فيه مؤلفه مارك كيرتس الباحث فى المعهد الملكى للشئون الدولية وغيره من المعاهد والمراكز البحثية- تفاصيل التعاون بين جماعة الإخوان المسلمين وبين بريطانيا فى الفترة ما بين 1936 حتى عام 1957، استغرقت الدراسة أربع سنوات كاملة اطلع الباحث خلالها على آلاف الوثائق والملفات السرية.

الإخوان من التسعينيات حتى سقوط مبارك

فى عام 2008، أصدر جوشوا ستاشر الباحث فى معهد أبحاث السياسة العامة ( IPPR ) تقريرا بعنوان "إخوة فى الأسلحة"، أوصى فيه وبقوة ضرورة إشراك الإخوان المسلمين فى مصر، باعتبارها عنصرا حاسما فى المشهد السياسى المصرى، خاصة وأن التقرير اعتبر أن الجماعة استطاعت إثبات نفسها لتكون إحدى الجهات الفاعلة السياسية ذاتية التطور، وينبغى أيضا اعتبارها شريكا محتملا لأى عمليات متعلقة بالتنمية السياسية الإقليمية، وعلى الرغم من أن وثائق السياسات الأخيرة التى تنتهجها جماعة الإخوان أظهرت وجود حركة رجعية عازمة على الحكم الدينى بالقوة، إلا أنها تغاضت عن تلك النقطة، بل بدلا من ذلك، قيل إنها لإظهار مجموعة ملتزمة بتحقيق إصلاحات سياسية أكثر واقعية، وذهب التقرير إلى ضرورة عرض المعتقدات السياسية للجماعة، خاصة وأنها تستند إلى القيم العالمية.
فى دراسة قام بها كل من مارتين فريمبتون وشيراز ماهر، حملت عنوان "بين المشاركة وقيم بريطانيا- علاقة الإخوان المسلمين بالحكومة البريطانية من سبتمبر حتى ثورات الربيع العربى"، أشارت الدراسة أن العلاقة بين بريطانيا والإخوان اتخذت العديد من المنحنيات المهمة، والتى كان من أبرزها أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001، وتفجيرات لندن عام 2005، وأخيرا ثورات الربيع العربى فى 2011، لتمثل تلك المراحل محاور رئيسية شكلت طبيعة العلاقة بين جماعة الإخوان ولندن.
فى أعقاب تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى فبراير 2011، كان ديفيد كاميرون أول مسئول بريطانى يزور مصر، فى وعود منه للمصريين بمد يد بلاده لمساعدة مصر لإنشاء دولة ديمقراطية، فى تلك الأثناء رفض كاميرون إجراء أى لقاء مع الإخوان المسلمين، الرفض الذى جعل عصام العريان عضو مكتب الإرشاد يشن هجوما حادا على كاميرون، وبحلول إبريل 2011، أفادت التقارير أن وفدًا من الخارجية البريطانية بقيادة مارى لويز آرتشر القنصل العام بالقاهرة، زار المكتب الإدارى للجماعة فى الإسكندرية، والذى أعلنه موقع الجماعة باللغة الإنجليزية "إخوان أون لاين"، ولكن لفهم الأحداث التى تلت ثورة يناير فى مصر، علينا أن نفهم منظور العلاقة بين بريطانيا والإخوان المسلمين منذ تفجيرات سبتمبر 2001 حتى يناير 2011.
يعد التحالف البريطانى مع الجماعات الإسلامية وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين، أحد أركان السياسة البريطانية الطويلة الأمد التى انتهجتها منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك لخلق أجيال جديدة من الإسلاميين واتخاذهم كحلفاء محتملين لبقائها، كجزء من جهد الدولة للحفاظ على النفوذ الإمبراطورى، أو كوسيلة لتوفير بديل لتحديات أكثر خطورة، تظهر فى الساحة السياسية وتعارض مصالحها، مثل تلك الناصرية والشيوعية.
 فى مقابلة صحفية أجراها الدكتور كمال الهلباوى أحد أبرز قيادات جماعة الإخوان فى لندن فى فترة التسعينيات، مع صحيفة الشرق الأوسط، أكد الهلباوى أن التعاون بين الحكومة البريطانية وجماعة الإخوان تعد سمة ثابتة من سياسة بريطانيا، وقال الهلباوى إنه خلال منتصف 1990، عندما شن حسنى مبارك حملة على الجماعات الإسلامية المصرية، فإن الحكومة البريطانية التى وفرت اللجوء السياسى لأغلب أعضاء الجماعات الإسلامية، عرضت عليه حماية شخصية، وهو الأمر الذى كشفت عنه سلسلة الوثائق التى كشفها الصحفى مارتن برايت المحرر السياسى بجريدة الجارديان عام 2005، والتى أكدت بأن المسئولين فى المملكة المتحدة كانوا على علاقة وطيدة مع الإخوان المسلمين خلال معظم سنوات العقد الماضى.
وعن تاريخ العلاقة بين الإخوان وبريطانيا يؤكد هشام النجار الباحث فى شئون التيارات الإسلامية أن العلاقة والارتباط تاريخى وموثق فى كثير من المراجع العربية والأجنبية لكبار المؤرخين الذين تحدثوا عن نشأة الجماعة وتمويلها من الإنجليز وتوظيفها سياسياً لخدمة مصالح بريطانيا والغرب لمواجهة المحور الشرقى والشيوعية والاتحاد السوفيتى ومواجهة النظام الناصرى التحررى ذو التوجه العروبى وصاحب مشروع الوحدة العربية الذى سعت بريطانيا لتقويضه ونجحت فى ذلك بتوظيف طموحات الاسلام السياسى فى الحكم".
ويضيف "النجار": "ولا شك أن هذا التوظيف تطلب دعماً سخياً وردت أسراره فى كتب مثل "الإخوان المسلمون" لميتشل وكتاب "النوم مع الشيطان" وغيرها، وهذا الدعم لم يتوقف ولذلك تحرص الجماعة على اخفاء مصادر تمويلها وعدم الشفافية وإخضاع مواردها المالية للمحاسبة والمراقبة من قبل أجهزة الدولة، وبريطانيا ستستمر فى دعمها للإخوان وفى أيوائها لأنشطتها كواحدة من أهم مراكز الإخوان فى اوربا حيث تستفيد من ورقة الإخوان فى مشاريعها وتحقيق مصالحها وتوظيفها فى القضايا والملفات الاستراتيجية التى تهم بريطانيا والغرب عموماً فيما يتعلق بفرض الرؤى الغربية على الدولة المصرية وإبقائها غير قادرة على الاستقلال الكامل عن الإرادة الغربية".
وعن حجم استثمارات جماعة الإخوان فى بريطانيا وكيفية تحرك عناصرها داخل لندن، كشف الدكتور سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية ومدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، أن جماعة الإخوان تمتلك فى لندن ثروة مالية ضخمة تقدر بحوالى 10 مليارات دولار.
ويقول "سعد الدين"، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، "لندن عاصمة مفتوحة تستقبل لاجئين من جميع أنحاء العالم، ومن ضمن هؤلاء اللاجئين أعضاء وقيادات جماعة الإخوان المسلمين"، مضيفًا، "لقد لجأت الإخوان لبريطانيا مبكراً منذ قرار حل جماعة الإخوان الأول فى الأربعينيات، فالعلاقة بين الإخوان ولندن طويلة المدى وليست وليدة اليوم".
ويضيف "سعد الدين"، المقرب من الغرب "جماعة الإخوان تجد فى لندن الشعور بالأمان لكى تمارس أنشطتها من هناك، والجماعة لديها مالية ضخمة فى بريطانيا تتراوح ما بين 8 إلى 10 مليارات دولار، بالإضافة إلى استثماراتها فى جزيرة الإنسان الكائنة بالمياه الدولية لبريطانيا وهى مدينة تشبه بالمدن الحرة".
 ويشير "سعد الدين" إلى أنه فى الفترة الأخيرة كانت هناك مطالبات من حكومات لبريطانيا بإدراج الإخوان جماعة إرهابية، وبالفعل شكلت الحكومة الإنجليزية لجنة لفحص الأمر، وانتهت هذه اللجنة بتوصيات أن وجود الإخوان فى لندن يعرض الدولة لبعض المشكلات، ولكن رغم ذلك لم تدرج بريطانيا جماعة الإخوان كجماعة إرهابية حتى الآن.
ويضيف مدير مركز ابن خلدون لدراسات الإنمائية، الإخوان لها عاصمتان فى أوروبا، هما لندن عاصمة بريطانيا وميونيخ الألمانية، مشيراً إلى أن جماعة الإخوان تستثمر فى هاتين العاصمتين، خاصة فى بريطانيا أموالا طائلة. 
وفى السياق ذاته يقول طارق البشبيشى القيادى السابق بجماعة الإخوان: "العلاقة بين الإخوان وبريطانيا ليست وليدة اليوم، بل هى علاقة ممتدة بدأت منذ اليوم الاول الذى أسس فيه حسن البنا التنظيم الإخوانى فى عشرينيات القرن العشرين، والذى لا يمكن ابدا أن ينكره احد هو علاقة تأسيس التنظيم ببريطانيا".
ويضيف "البشيشى" فى تصريحات لـ"اليو السابع":"فنشأة التنظيم بدأت فى الاسماعيلية حيث تواجد الشركة البريطانية احد ملاك قناة السويس وكانت الاسماعيلية وقتها تخضع للنفوذ الاستعمارى البريطانى، وحسن البنا نفسه اعترف بتلقيه مبلغ 500 جنيه مصرى كدعم لنشاط التنظيم فى بدايته وهذا مبلغ ضخم فى ذلك العصر".
ويقول: "بعد ثورة 1919 نمى شعور المصريين الوطنى وسلكوا طريق الاستقلال الوطنى ورفض التبعية للاستعمار الوطنى والتف المصريون حول سعد زغلول وجعلوا منه زعيما وطنيا ثم التفوا من بعده حول حزب الوفد ورأوا فيه منقذا لهم من الاستعمار البريطانى، وبدأ فى مصر عصر جديد وبدأ معه تآمر بريطانى جديد على ثورة 19 ونتائجها، ومن المعروف أن البريطانيين يتميزوا بالدهاء والخبث الشديد، فهم لا يستطيعون مواجهة شعور الاستقلال الوطنى الذى يسرى فى دماء المصريين فبدؤوا باللعب بورقة الدين لتفرقة هذا التلاحم الشعبى، فهؤلاء اللئام ضربوا نتائج هذه الثورة العظيمة بسلاح المزايدات الدينية فى مقتل، وبدأ الاخوان كالسوس ينخرون فى جسد مصر، ورفعوا شعارات دينية وليست وطنية فإذا هتف المصريون لبلدهم أنتى غايتى والمراد... هتف الإخوان الله غايتنا".
ويتابع "البشبيشى": "وقد بدأ الإخوان فى تآمرهم على حزب الوفد، تارة بمساندة القصر وتارة أخرى بمساندة شخصيات وزعماء يعادون الوفد مثل إسماعيل صدقى الذى سانده الإخوان بقوة عندما ألغى دستور 23، وكانوا هم الفصيل الوحيد الذى وقف بجانب إسماعيل صدقى وأسقطوا عليه آيات القرآن، فهذه هى حقيقة العلاقة بين بريطانية و ابنها حسن البنا".
ويضيف: "علاقة بريطانيا بالإخوان يستفيد منها الاثنان، فبريطانيا تستفيد من توظيف التنظيم الإخوانى فى تشتت المجتمع المصرى بل والعربى برمته وعدم التفافهم حول مشروع قومى وطنى واحد يحقق لهم التنمية والريادة، كما يستفيد الإخوان من هذه الرعاية فى الضغط على الأنظمة حتى لا يتم القضاء عليهم، والمصلحة مشتركة لكل منهما هدفه فى بقاء هذه العلاقة طوال هذه الفترة التاريخية الممتدة".
ويقول "البشبيشى": "لن تستغنى بريطانيا أبدا عن الإخوان فهم تنظيم وظيفى تم تأسيسه لخدمة المصالح الغربية فى المنطقة وورقة مهمة فى يدها تلاعب بها جميع الأنظمة التى تريد إخضاعها لهيمنتها" مضيفًا: "الرعاية البريطانية للإخوان تتعدى الدعم المالى فاستثمارات التنظيم الدولى تحتضنها الأراضى البريطانية، وترعى بريطانيا دعم قطر وتركيا وغيرها للإخوان بالأموال والمنابر الإعلامية الداعمة للتنظيم".
بريطانيا وجماعة الإخوان المسلمين


الثلاثاء، ٨ أبريل/ نيسان ٢٠١٤ (٠١:٠ - بتوقيت غرينتش)
بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر من رفض اعتراف الداخلية البريطانية بالقرار الصادر عن الحكومة المصرية بإعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة وتنظيماً إرهابياً، ها هي الحكومة البريطانية تعود في خطوة قد يكون فيها تضييق جديد على «الإخوان المسلمين»، إذ أمر رئيس الحكومة ديفيد كاميرون الخارجية البريطانية الأسبوع الماضي بالبدء في تحقيقٍ فوري وإجراء مراجعة حول أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، وتكليف السفير البريطاني في السعودية جون جنكنز بإعداد التقرير، إضافة إلى رئيس الاستخبارات الخارجية جون سويرز (السفير السابق في القاهرة)، والتصريح بأن الهدف من التحقيق هو إجراء مراجعة للأفكار والقيم التي تقوم عليها الجماعة ودرس توجهاتها وأنشطتها والتأكد - كما ذكر كاميرون للصحافيين - من صلاتها ومعتقداتها في ما يتعلق بالتطرف والتطرف العنيف، وعلاقتها بالجماعات الأخرى في بريطانيا.
هذه التصريحات من الرئيس كاميرون تجاه هذه القضية بغض النظر عن التفاصيل والأسباب الداعية إلى فتح ذلك التحقيق، إما بسبب ضغوط من حلفائها أو نتيجة مبررات واقعية ملموسة هي غير مستغربة، فهذه القضية تأتي أيضاً في سياق الجدل في بريطانيا منذ أعوامٍ عدة، حول استراتيجية مكافحة التطرف المعروفة باسم «وقاية» المثيرة للجدل التي تنبتها الحكومة البريطانية منذ عام 2007، وقد ذكر كاميرون في مؤتمر حول الأمن بمدينة ميونيخ في شباط (فبراير) 2011 «أن من يعتبرون المتطرفين غير العنيفين يسهمون في إبعاد الشباب الأكثر تأثراً عن العنف، أنه مجرد كلام غير صحيح» واعتبر أن الأشخاص المدانين بارتكاب أعمال إرهابية تشير الأدلة إلى أن عدداً كبيراً منهم تأثر بدايةً بالأفكار المتطرفة غير العنيفة، ومن ثم حمَلوها إلى مستوى ثانٍ من خلال تبنٍ للعنف، ومن السابق لأوانه في الوقت الراهن الحكم أو حتى مجرد التوقع أو التكهن عما تسفر عنه هذه التحقيقات ومدى تأثيرها في أعضاء جماعة الإخوان المقيمين في بريطانيا، فالعلاقة التي بين «الإخوان» والغرب عموماً وبريطانيا خصوصاً ليست عادية أو حديثة العهد، وإنما هي علاقة نفعية بين كلا الطرفين وقديمة ومتجذرة تعود إلى عقود من الزمن، حينما قدمت مجموعات صغيرة من أعضاء جماعة «الإخوان» في نهاية الخمسينات إلى بلاد الغرب بدوافع مختلفة، إما بدافع اللجوء السياسي والهرب من الملاحقات الأمنية، وإما البحث عن الرزق والعمل، وإما الدراسة في الجامعات الأوروبية، وكان من أبرزهم سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا، ورجل الأعمال الشهير يوسف ندا وغيرهم، وقد بدأت حركة الجماعة هناك، وهي محملة بكل الخصائص التي كانت عليها في المشرق الإسلامي مسقط رأسها، ونشأت وهي تحمل المكونات الفكرية والدعوية والحركية والسياسية والتنظيمية ذاتها. وبعد مضي أعوام واستقرار العديد من أعضائها بدأت «الجماعة» في التفكير والسعي وفي شكل جاد بالانخراط بمرحلة الحضور والتفاعل والعمل والتأثير في المجتمعات الأوروبية، فكانت الرابطة الإسلامية التي أسسها الدكتور كمال الهلباوي المتحدث الرسمي السابق باسم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في الغرب (المنشق عن جماعة الإخوان) عام 1997 أول مؤسسة أو واجهة علنية يتم من خلالها العمل في شكل واضح، حول ظروف وتجربة «الإخوان» في بريطانيا من وجهة نظر غربية وأكاديمية نجد أن الباحث بجامعة هارفارد والمتخصص في حركات الإسلام السياسي لورينزو فيدينو (صاحب كتاب «الإخوان المسلمون الجدد في الغرب» الصادر عام 2011 أحد أهم الدراسات المعاصرة التي تناولت جماعة الإخوان المسلمين في الغرب حتى وقتنا المعاصر، واستغرق تأليفه أعواماً عدة ونشرته جامعة كولومبيا وتُرجم أخيراً) يلخص رؤيته تجاه ذلك بقوله: «إن الخصوصية الجغرافية للإخوان المسلمين في بلاد الغرب كانت تتطلب منهم طرح خطاب مختلف أو خطاب مزدوج، فهم يطرحون أنفسهم كحركة معتدلة تشدد في أهدافها على الاندماج والوحدة والتسامح الديني وجميع العبارات الطنانة التي يفضِّل سماعها صناع القرار السياسي، لكن إذا نظرت إلى أديباتهم وكتبهم التي يبيعونها في مكتباتهم فإنك تجد الاختلاف والتباين»، ويؤكد فيدينو أن لهم نفوذاً كبيراً جداً في الغرب لا يتناسب مع عددهم، فهم يملكون قدرة تنظيمية جيدة ويتحصلون على الكثير من الأموال من العديد من المانحين، وهم ناجحون في السيطرة على التنظيمات الإسلامية، ولديهم فرص كثيرة في الوصول إلى الحكومات والظهور في وسائل الإعلام، على رغم أن معظم المسلمين في أوروبا لا يشاركونهم الأفكار والتوجهات نفسها، إلا أنهم نجحوا إلى وقت طويل في تمثيلهم أمام الحكومات ووسائل الإعلام، وإذا كانت النخب السياسية الأوروبية في منظوره ساذجة في السابق بقبولها للإخوان ممثلاً للمجتمعات المسلمة في شكل غير نقدي، فهي في الأعوام الأخيرة أصبحت أقل سذاجة وبدأت تدرك أنهم ليسوا وحدهم الممثلين عن المسلمين وأن المجتمعات المسلمة متنوعة ومختلفة، وأن الصوت الأعلى ليس بالضرورة هو الأكثر تمثيلاً، ويضرب على ذلك مثلاً بأن المجلس الإسلامي في بريطانيا (تعتبر الرابطة الإسلامية أحد أهم مؤسسيه) ظل إلى وقت طويل الشريك الحصري شبه الرسمي للحكومة البريطانية وقيادة هذا المجلس يسيطر عليها الإخوان المسلمين، ولكن الحكومة أجرت تغييراً في سياستها عام 2006 بعد اكتشافها أن فئات كبيرة من السكان المسلمين لا ينتمون إلى المجلس الإسلامي، «وقد سلطت بعض وسائل الإعلام البريطانية في الفترة الماضية الضوء حول الدور الذي باتت تلعبه في هذه المرحلة مؤسسة قرطبة لحوار الحضارات ورئيسها أنس التكريتي ابن المراقب العام للإخوان المسلمين بالعراق، فالخارجية البريطانية في موقعها الرسمي أشارت إليه بأنه أحد البارزين على تشجيع المسلمين في بريطانيا على الانخراط في العمل السياسي، بينما اتهمت «صنداي تليغراف» في تحقيق لها أنها ذات صلة بمنظمات متطرفة عدة، وأنها المتحدث باسم «الإخوان المسلمين»، في المقابل فإن أمثال روبرت لامبرت صاحب كتاب «مكافحة تنظيم القاعدة في لندن: شراكة بين الشرطة والمسلمين»، وأحد المعارضين للاستراتيجية الحكومية للتطرف والمفتش السابق بشرطة لندن بشؤون الإرهاب يرى أن الإسلام السياسي في بريطانيا لا صلة له بالعنف وأنها تقوم بدور إيجابي نحو الاعتدال، وفي كل الأحوال فإن للقرار مدلولات عدة، وكل الأطراف تدرك أن هذه القضية في حال المسار القضائي، سواءً بالإدانة أو التبرئة فإنها قد تستغرق أعواماً وأعواماً، ومن الصعب في الوقت الراهن تخيُّل ما تسفر عنه المرحلة المقبلة من نتائج وتطورات.

No comments:

Post a Comment