كواليس أكتوبر في عيون السادات.. مذكرات الرئيس تكشف أسرار الحرب.. أمريكا دعمت إسرائيل بـ"القنبلة التليفزيونية" ..والاتحاد السوفيتي كان خنجرًا في ظهر مصر
دماء تسيل، شهداء تتساقط، علم يُرفع، صوت تكبير يعلو، مشاهد حزن تمتزج بالفرح عاشها المصريون في 6 أكتوبر، هذا التاريخ الذي خلد لمصر الانتصار بدموع فرح، وكتب الهزيمة في سجلات إسرائيل.
ملحمة قام بها الجنود المصريون بقيادة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بثت السعادة في روح كل الشعب المصري، ولم تقتصر الحرب على تلك المشاهد التي رأيناها في أي تجسيد لها، فقد أحاطت بالحرب كواليس وأسرار علمتها القيادة فقط، وكان الشخص الأنسب لكشفها السادات.
ورصدت "الدستور" من مذكرات الرئيس الراحل "البحث عن الذات" خبايا حرب أكتوبر وأسرارها.
"خطة حرب أكتوبر"
"بدأت الإعداد للمعركة" تلك الكلمات التي بدأ بها الرئيس الراحل حديثه عن حرب أكتوبر، وكشف في مذكراته كيف تم التخطيط لها، قائلًا "اتخذت قرار بطرد الخبراء السوفيت، وفسر العالم بما فيه مصر طردي لهم على إنه قرار بعدم الحرب، ثم استدعيت وزير الحربية وأبلغته أن يجتمع بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة ويخطره بأنني قررت أن تكن القوات المسلحة جاهزة للقتال بدءًا من 15 نوفمبر 1972، وكان من المفترض أن يقدم لي وزير الحربية تقريرًا عن الخطة خاصة أنه عاد لي بعد يومين وقال أنه أبلغ المجلس برسالتي وأن القوات ستكون جاهزة في أول نوفمبر".
واستكمل "السادات" في سطوره التالية، "دعوت المجلس يوم 28 أكتوبر 1972، وطلبت أن يدلي القادة بتقاريرهم عن استعداد القوات، وحينها ذكرت القادة برسالتي، ففوجئت بالجنرال المسئول عن الشئون الإدارية للقوات المسلحة يسألني ما هي رسالتي لهم، وتأكدت حينها أن وزير الحربية لا يريد حرب، فبدأت في سؤال قادة الجيوش، فقال لي قائد الجيش الثالث عبد المنعم واصل، "إننا مكشوفين، وأي حشد هنعمله اليهوده هتكشفه، لانهم عاملين ساتر ترابي ارتفاعه 17 متر، جنب القناة وإحنا تحت المستوى 3 متر"، وكان ما سمعته يعني انهيار الخطة الدفاعية 200 التي استلمتها من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
انهيت الاجتماع وقررت تغيير وزير الحربية الذي كذب علي، وعينت أحمد إسماعيل الذي كان مديرًا للمخابرات في ذلك الوقت، قائد عام للقوات المسلحة، وطلبت منه تصحيح الخطة 200 وإعادتها إلى ما كانت عليه، ورغم ذلك إلا أنني لم استطع النوم ليلة واحدة بعد اجتماعي بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة في أكتوبر 1973، واستمر حالي في هواجس وقلق حتى جاءني الجنرال أحمد إسماعيل في 30 نوفمبر ليبلغني أن الخطة الدفاعية أصبحت كاملة وأنه بصدد إعداد تجهيزات الهجوم، وفي أوائل يناير 1973، كان قد وضع الهيكل الأساسي للخطة.
"مواقف دول العالم"
يحكي الرئيس الراحل عن موقف أمريكا من حرب مصر وإسرائيل، فيقول "ألتقى حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومي بهنري كسينجر وزير خارجية أمريكا في باريس في فبراير 1973، وكان ملخص ما قاله أن أمريكا لا تستطيع مساندتنا، لاننا مهزومون وإسرائيل متفوقة، وكنت أقول دائمًا لم يكن من الممكن لأمريكا أو لغيرها من القوى أن تتحرك ما لم نتحرك نحن عسكريًا.
أما على المستوى العربي، كشف السادات في مذكراته، عن محاولات تهيئة الدولة للحرب على إسرائيل قائلًا، "كانت علاقتي برؤساء كل الدول العربية جيدة، وفي اجتماع لمجلس الأمن فاجأت الجميع بطرح مصر قضية الشرق الأوسط واستمرت المناقشات شهرين وتم اتخاذ أول قرار في صفنا بأغلبية 14 صوت باستنثاء صوت أمريكا، وفي سبتمبر 73 حضرت مؤتمر دول عدم الانحياز في الجزائر وقلت في خطابي إنه لا مفر من المعركة، فإسرائيل هي التي تريد لنا هذا، وبذلك هيأت دول عدم الانحياز للمعركة وكانت الأغلبية في صفي، وبهذا الشكل كان أكثر من مائة دولة معي قبل المعركة بثلاثة أسابيع".
وفي إبريل 1973 جاء الرئيس السوري حافظ الاسد في زيارة سرية لمصر، وكان الفريق الجمسي وقتها مدير العمليات بالقوات المسلحة فأحضر لنا المذكرة التي دون فيها المواعيد المناسبة للعمليات الحربية على مدار السنة، وكانت أما مايو أو أغسطس أو أكتوبر، وكان أكتوبر الأنسب، وتم تكوين مجلس أعلى مشترك للقوات المسلحة المصرية السورية، واتفقنا أن تكون المعركة يوم 6 أكتوبر.
وفي 3 أكتوبر استدعيت السفير الروسي وقلت له أريد أن أبلغك رسميًا أنني أنا وسوريا قررنا بدء العمليات العسكرية ضد إسرائيل، ولدي سؤال أريد الإجابة عليه من القادة السوفييت بصفة عاجلة وهو ما موقف الاتحاد السوفيتي مننا؟"، وفي اليوم التالي طلب السفير السوفيتي موعدًا عاجلًا معي فتصورت أنه جاءني بالرد على سؤالي، استقبلته فكان أول ما قاله هو "معي رسالة عاجلة من القيادة السوفيتية، إنهم في موسكو يطلبون موافقتك على وصول أربع طائرات ضخمة لحمل العائلات السوفيتية من مصر"، وهذه العائلات السوفيتية هي عائلات مدنيين السوفييت الذين يعملون في المصانع والقطاع المدني.
قلت في نفسي ما هذا الفأل السيء، هذا معناه أنهم يقولون لي مقدمًا أن معركتك فاشلة، ونحن نخاف على أرواح رعايانا فماذا عن المصريين أهل البلد؟، ألا يعلمون أنني أخاف عليهم؟، فكان هذا التصرف يدل على عدم الثقة فينا، وأسوأ من هذا أن سفينة سوفيتية كانت في طريقها إلينا تحمل بعض الإمدادات، وكان لدينا إخطار من السوفييت بموعد قيامها وأنها ستدخل الإسكندرية يوم 9 رمضان، ولكن صدرت إليها الأوامر وهي في عرض البحر أن تتجول في البحر الأبيض، وفعلًا تجولت حوالي ستة أيام إلى أن تأكدوا من انتصارنا فرست في الإسكندرية، ولما سألناهم عن أسباب التأخير قالوا إن السفينة قد تاهت في البحر.
"خدع الحرب"
وقد لجأ السادات إلى عدة حيل لخداع إسرائيل، وروى الرئيس ذلك في مذكراته قائلًا "لم أكن أنوي أن أدخل المعركة في مايو 1973 ، ولكن كجزء من الخداع الاستراتيجي قمت بحملة في الصحف عندى وفي الدفاع الشعبي، فما كان من الإسرائيلين إلا إن صدقوا، وفي الأيام المناسبة للحرب حشدوا جيوشهم بينما كنت أنا في حالة استرخاء تام، وفي أغسطس من نفس العام فعلت نفس الشيء وكان رد الفعل في إسرائيل هو نفس ما صنعوه في مايو، فأعلنوا التعبئة، لذلك عندما سُئل موشي ديان بعد حرب أكتوبر لماذا لم يعلن التعبئة في أكتوبر قال "إن السادات قد دفعني إلى هذا مرتين مما كلفنى في كل مرة عشرة ملايين دولار دون جدوى، فلما جاءت المرة الثالثة ظننت أنه غير جاد مثلما حدث في المرتين السابقتين لكنه خيب ظني".
أم الخطة الأخرى عنما كنت في زيارة وزير خارجية دولة أجنبية، فقلت له وكنا في سبتمبر 73 بلغ رئيس جمهوريتك بينك وبينه ما يطلعش السر ده بره، إني سأذهب إلى الأمم المتحدة في أكتوبر القادم، بس مش عاوز أعلن هذا"، وكنت أعلم أن هذا الخبر بعد ثوان سوف يصل إلى إسرائيل، وقد حدث وبناء عليه فهمت إسرائيل إنى غير مقدم على الحرب.
"بدء المعركة"
"بدأ العد التنازلي"..وصف السادات اقتراب موعد الحرب بهذا التعبير، كاشفًا عن كواليس هذه الأيام، "خرجت القطع البحرية قبل المعركة لتتخذ أماكنها في الحرب قبل ساعة الصفر بعشرة أيام، وفي الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر السبت 6 أكتوبر حضر المشير أحمد إسماعيل وتوجهنا إلى غرفة العمليات، وفي الساعة الثانية تمامًا وصل الخبر بأن طائرتنا قد عبرت قناة السويس، وكانت 222 طائرة نفاثة انتهت من ضربتها الأولى في ثلث ساعة فقدنا فيها 5 طائرات فقط، وفقدت في تلك اللحظات الأولى من الحرب أخى الطيار الشهيد عاطف ولكنهم أخفوا علي نبأ استشهاده".
ونجحت حركة الطيران نجاحَا كاملا، وبعد 20 دقيقة فقط كانت طائرتنا قد ضربت مراكز القيادة ومراكز إدارة الطيران ومراكز إدارة الدفاع الجوي، وبعد ضربة الطيران بدأت المدفعية المصرية تزمجر بأكبر تركيز شهده العالم، ذ انطلقت قذائف المدافع، وهكذا بدأت ملحمة 6 أكتوبر.
كان في الخطة أن ضربة الطيران تليها ضربة المدفعية، وتحت ستار ضرب المدفعية يتم العبور، ولكن الذي حدث أن العبور تم أثناء عملية الطيران وقبل أن تبدأ المدفعية، وبعد العبور دخل جنودنا على الحاجز الترابي الذي كان في بعض مواقعه يبلغ ارتفاعه 17 مترًا، واستخدموا في تسلقه عمليات بدائية أذهلت العالم، عبارة عن سلم من الحبال يحمله الجندي ثم يتسلق الحاجز الترابي، وعندما يبلغ القمة يطرح السلم لأخوانه فيتسلقونه وهم يحملون الأسلحة المضادة للدبابات من صورايخ ومدفعية ثقيلة، وبسرعة يستولون على المواقع التي أعدها الإسرائيليون خلف الساتر الترابي على الضفة الشرقية، ليتربصوا فيها بالعدو ويستروا زملاءهم الذين يعبرون.
ورفع العلم على الضفة الشرقية، وبدأ سقوط النقاط الحصينة في خط بارليف الواحدة بعد الآخرى، وفي نهاية ست ساعات كان قد اتضح تمامًا أن اليهود قد فقدوا توازنهم وفقدوا السيطرة، أي فقدوا الاتصال بينها وبين القوات، وبعد عبور القوات الحاملة للصواريخ والمدفعية بدأ المهندسون في تطبيق نظرية شق الحاجز الترابي بخراطيم المياه المكثفة، ومن قوة المياه قطع الساتر الرملي وفتحت الثغرات وركبت فيها الكباري وعبرت الدبابات.
"كذب الاتحاد السوفيتي"
بعد بداية المعركة أبلغوني أن السفير السوفيتي وكنت أظنه يحمل رد القيادة السوفيتية على سؤالي بما موقفه من الحرب، ولكن خاب ظني فقد جاء ليقول لي إن الرئيس حافظ الأسد استدعى السفير السوفيتي وطلب من الاتحاد السوفيتي العمل على وقف إطلاق النار بعد 48 ساعة على الأكثر من بدء العمليات، ولكنني أخبرته أنه حتى وإن كان هذا مطلب الأسد فأنني لن أوقف إطلاق النار إلا بعد الانتهاء من الاهداف الأساسية المحددة لمعركتي، وسألته عن إجابة سؤالي بما هو موقف الاتحاد السوفيتي ليرد أن الموضوع محل دراسة.
وبعد مغادرته أرسلت برقية شفرية للرئيس الأسد بما قاله السفير وردي عليه، وجاءني الرد في 7 أكتوبر أي بعد 24 ساعة بأن هذا الذي يدعيه الاتحاد السوفيتي لم يحدث، وفوجئت بالسفير السوفيتي يطلب مقابلة عاجلة معي، قابلته وقلت له "من نصف ساعة فقط تلقيت الرد من الأسد وهو أن ما أبلغته لي رسميًا أمس كرسالة رسمية من القادة السوفيت لم يحدث"، فأبيض وجه السفير وقال "أنا جاي لك برسالة ثانية من الحكومة السوفيتية بناء على طلب سوريا للمرة الثانية بوقف إطلاق النار"، فقلت له "أرجو أن تغلق هذا الموضوع وتعتبره انتهى عند هذا الحد، فأنتم تعلمون إنني لن أوقف إطلاق النار"، وعلى الرغم من ذلك لم يكف السفير السوفيتي عن الإلحاح على وقف إطلاق النار منذ ذلك الوقت.
"الثغرة"
16 أكتوبر.. ذلك التاريخ الذي أضعف مصر بعض الشيء في المعركة، وروى السادات ما حدث في مذكراته قائلًا "أرسلت رئيس الأركان سعد الشاذلي للتعامل مع الثغرة، وكان من السهل جدًا التعامل معها في ذلك اليوم، وكان السابق فيها للزمن، ولو إنه نفذ ما طلبته منه في التوقيت الذي حددته له لأحاط شاطئ البحيرة المرة بسد يسجنهم داخلها، ويوقفهم في مكانهم، وكان من السهل القضاء عليهم، وكان من الممكن أن ينتهي من العملية كلها بعد وصوله بساعات، لكنه أضاع الليلة بأكملها في جمع المعلومات، وإنشاء قيادة له ينافس بها قيادة غريمه إسماعيل، وكانت قوات الدفرسوار قد تقدمت ووصلت فعلًا إلى نقطة النزول، لكن الشاذلي أعطاهم الأمر بالانسحاب، إلى أن يجمع المعلومات، وكانت النتيجة أن توسع اليهود في الثغرة.
وفي يوم 19 أكتوبر عاد الشاذلي منهار وقال لابد أن نسحب قواتنا في شرق القناة، لان الغرب مهدد، لكني أعطيت الأمر بعدم انسحاب أي جندي، وأعطيت تعليماتي في هذه الليلة بعزل الشاذلي من رئاسة الأركان على ألا يعلن القرار على القوات، وعينت الجمسي رئيسًا للأركان، وفي هذه الليلة اتحذت قرار بوقف إطلاق النار، فقد ظللت 10 أيام أحارب فيها أمريكا وحدي، بأسلحتها الحديثة التي لم تستخدم من قبل، فكانت أمريكا وإسرائيل في وجهي والاتحاد السوفيتي يحمل في يده خنجرًا في ظهري، على الرغم من اعتقاد العالم أن الاتحاد السوفيتي يساعدنا.
"تدخل أمريكا"
"أرفض مواجهة أمريكا".. تلك الكلمات التي جاءت في مذكرات الرئيس، حينما أشار إلى تدخل أمريكا في الحرب، وروي ما حدث قائلًا "بعد اليوم الثالث تأكد انتصارنا، ففي هذه الأيام الثلاثة فقدت إسرائيل أكثر من ثلث سلاح طيرانها على الجبهتين المصرية والسورية، وعلى الرغم من ذلك كان ينشر الإعلام الإسرائيلي أنهم يطحنون عظام المصريين، وسايرتهم إذاعات العالم، وفي اليوم الرابع أفاق كسينجر على نداء إسرائيل ومطالبتها بدبابات وتقرير البنتاجون الذي قال أن المعركة تسير في غير صالح إسرائيل، وبكاء ديان على الجبهة المصرية أمام جميع مراسلي الصحف العالمية وانهياره، حاول كسينجر منذ ذلك الوقت التدخل لوقف إطلاق النار مع السوفيت، ولكنني رفضت.
اتضح لي بعد أن القمر الصناعي الأمريكي الذي كان يوصل المعلومات لإسرائيل ساعة بعد ساعة أخطرهم بنقل الفرقة 21 المدرعة المصرية من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية لمحاولة تخفيف الضغط على سوريا كما طلب الأسد، وأن البنتاجون نصح الإسرائيلين بمحاولة عمل الثغرة لإنقاذ الموقف الإسرائيلي المنهار، وتم استخدام الكوبري الدولي الأمريكي لنجدة إسرائيل، واستخدموا مطار العريش لنزول الطائرات الأمريكية التي تحمل الدبابات وكل الأسلحة الحديثة، وكنت كلما أصبت لإسرائيل عشرة دبابات أرى مزيدًا من الدبابات.
وأطلقت إسرائيل صاروخان على بطاريتين مصريتين للصواريخ فعطلا البطاريتين تعطيلًا كاملًا، وعرفت بعد ذلك أنه صاروخ أمريكي جديد يسمى القنبلة التليفزيونية تم تطويره في اليابان لحساب أمريكا، وأنه كان لا يزال تحت الاختبار في أمريكا، فأرسلته أمريكا لنجدة إسرائيل.
لقد دخلت أمريكا الحرب لإنقاذ إسرائيل حتى بالأسلحة التي تحت الاختبار، وقنبلة المافريك وأسلحة أخرى، ولانني أعرف إمكانياتي لا أحارب أمريكا، لذلك أرسلت برقية للرئيس الأسد في 19 أكتوبر أخطره فيها أنني قررت الموافقة على وقف إطلاق النار، وإنني لا أخاف إسرائيل ولكن أرفض مواجهة أمريكا، وبدأت في تنفيذ قراري، وأستدعيت السفير السوفيتي بقبولي وقف إطلاق النار، واجتمع مجلس الأمن وقرر أن يكون وقف إطلاق النار في الساعة السابعة مساء 22 أكتوبر.
انتهزت إسرائيل وقف إطلاق النار ووجهت هجومًا نحو الجنوب تجاه السويس وأخر تجاه الإسماعيلية، من أجل توسيع الثغرة، وأمرت قادة الجيشين الثاني والثالث بألا يسمحوا لقوات إسرائيل بالتوسع، وبالفعل لم يتمكنوا من دخولهما على الإطلاق، وحينما يآسوا من الوصول اكتفوا بالوقوف في الثغرة، وبدأت قواتنا في الغرب تضغط عليهم باستمرار.
وفي ديسمبر 73 كنت مستعدًا لتصفية الثغرة، فقد بدأت قواتنا حرب الاستنزاف، ولم يتوقف ضغطها على الثغرة لحظة واحدة مما جعلنا نكسب أرضًا جديدة كل يوم.
اشرف هيكل
دماء تسيل، شهداء تتساقط، علم يُرفع، صوت تكبير يعلو، مشاهد حزن تمتزج بالفرح عاشها المصريون في 6 أكتوبر، هذا التاريخ الذي خلد لمصر الانتصار بدموع فرح، وكتب الهزيمة في سجلات إسرائيل.
ملحمة قام بها الجنود المصريون بقيادة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، بثت السعادة في روح كل الشعب المصري، ولم تقتصر الحرب على تلك المشاهد التي رأيناها في أي تجسيد لها، فقد أحاطت بالحرب كواليس وأسرار علمتها القيادة فقط، وكان الشخص الأنسب لكشفها السادات.
ورصدت "الدستور" من مذكرات الرئيس الراحل "البحث عن الذات" خبايا حرب أكتوبر وأسرارها.
"خطة حرب أكتوبر"
"بدأت الإعداد للمعركة" تلك الكلمات التي بدأ بها الرئيس الراحل حديثه عن حرب أكتوبر، وكشف في مذكراته كيف تم التخطيط لها، قائلًا "اتخذت قرار بطرد الخبراء السوفيت، وفسر العالم بما فيه مصر طردي لهم على إنه قرار بعدم الحرب، ثم استدعيت وزير الحربية وأبلغته أن يجتمع بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة ويخطره بأنني قررت أن تكن القوات المسلحة جاهزة للقتال بدءًا من 15 نوفمبر 1972، وكان من المفترض أن يقدم لي وزير الحربية تقريرًا عن الخطة خاصة أنه عاد لي بعد يومين وقال أنه أبلغ المجلس برسالتي وأن القوات ستكون جاهزة في أول نوفمبر".
واستكمل "السادات" في سطوره التالية، "دعوت المجلس يوم 28 أكتوبر 1972، وطلبت أن يدلي القادة بتقاريرهم عن استعداد القوات، وحينها ذكرت القادة برسالتي، ففوجئت بالجنرال المسئول عن الشئون الإدارية للقوات المسلحة يسألني ما هي رسالتي لهم، وتأكدت حينها أن وزير الحربية لا يريد حرب، فبدأت في سؤال قادة الجيوش، فقال لي قائد الجيش الثالث عبد المنعم واصل، "إننا مكشوفين، وأي حشد هنعمله اليهوده هتكشفه، لانهم عاملين ساتر ترابي ارتفاعه 17 متر، جنب القناة وإحنا تحت المستوى 3 متر"، وكان ما سمعته يعني انهيار الخطة الدفاعية 200 التي استلمتها من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
انهيت الاجتماع وقررت تغيير وزير الحربية الذي كذب علي، وعينت أحمد إسماعيل الذي كان مديرًا للمخابرات في ذلك الوقت، قائد عام للقوات المسلحة، وطلبت منه تصحيح الخطة 200 وإعادتها إلى ما كانت عليه، ورغم ذلك إلا أنني لم استطع النوم ليلة واحدة بعد اجتماعي بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة في أكتوبر 1973، واستمر حالي في هواجس وقلق حتى جاءني الجنرال أحمد إسماعيل في 30 نوفمبر ليبلغني أن الخطة الدفاعية أصبحت كاملة وأنه بصدد إعداد تجهيزات الهجوم، وفي أوائل يناير 1973، كان قد وضع الهيكل الأساسي للخطة.
"مواقف دول العالم"
يحكي الرئيس الراحل عن موقف أمريكا من حرب مصر وإسرائيل، فيقول "ألتقى حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومي بهنري كسينجر وزير خارجية أمريكا في باريس في فبراير 1973، وكان ملخص ما قاله أن أمريكا لا تستطيع مساندتنا، لاننا مهزومون وإسرائيل متفوقة، وكنت أقول دائمًا لم يكن من الممكن لأمريكا أو لغيرها من القوى أن تتحرك ما لم نتحرك نحن عسكريًا.
أما على المستوى العربي، كشف السادات في مذكراته، عن محاولات تهيئة الدولة للحرب على إسرائيل قائلًا، "كانت علاقتي برؤساء كل الدول العربية جيدة، وفي اجتماع لمجلس الأمن فاجأت الجميع بطرح مصر قضية الشرق الأوسط واستمرت المناقشات شهرين وتم اتخاذ أول قرار في صفنا بأغلبية 14 صوت باستنثاء صوت أمريكا، وفي سبتمبر 73 حضرت مؤتمر دول عدم الانحياز في الجزائر وقلت في خطابي إنه لا مفر من المعركة، فإسرائيل هي التي تريد لنا هذا، وبذلك هيأت دول عدم الانحياز للمعركة وكانت الأغلبية في صفي، وبهذا الشكل كان أكثر من مائة دولة معي قبل المعركة بثلاثة أسابيع".
وفي إبريل 1973 جاء الرئيس السوري حافظ الاسد في زيارة سرية لمصر، وكان الفريق الجمسي وقتها مدير العمليات بالقوات المسلحة فأحضر لنا المذكرة التي دون فيها المواعيد المناسبة للعمليات الحربية على مدار السنة، وكانت أما مايو أو أغسطس أو أكتوبر، وكان أكتوبر الأنسب، وتم تكوين مجلس أعلى مشترك للقوات المسلحة المصرية السورية، واتفقنا أن تكون المعركة يوم 6 أكتوبر.
وفي 3 أكتوبر استدعيت السفير الروسي وقلت له أريد أن أبلغك رسميًا أنني أنا وسوريا قررنا بدء العمليات العسكرية ضد إسرائيل، ولدي سؤال أريد الإجابة عليه من القادة السوفييت بصفة عاجلة وهو ما موقف الاتحاد السوفيتي مننا؟"، وفي اليوم التالي طلب السفير السوفيتي موعدًا عاجلًا معي فتصورت أنه جاءني بالرد على سؤالي، استقبلته فكان أول ما قاله هو "معي رسالة عاجلة من القيادة السوفيتية، إنهم في موسكو يطلبون موافقتك على وصول أربع طائرات ضخمة لحمل العائلات السوفيتية من مصر"، وهذه العائلات السوفيتية هي عائلات مدنيين السوفييت الذين يعملون في المصانع والقطاع المدني.
قلت في نفسي ما هذا الفأل السيء، هذا معناه أنهم يقولون لي مقدمًا أن معركتك فاشلة، ونحن نخاف على أرواح رعايانا فماذا عن المصريين أهل البلد؟، ألا يعلمون أنني أخاف عليهم؟، فكان هذا التصرف يدل على عدم الثقة فينا، وأسوأ من هذا أن سفينة سوفيتية كانت في طريقها إلينا تحمل بعض الإمدادات، وكان لدينا إخطار من السوفييت بموعد قيامها وأنها ستدخل الإسكندرية يوم 9 رمضان، ولكن صدرت إليها الأوامر وهي في عرض البحر أن تتجول في البحر الأبيض، وفعلًا تجولت حوالي ستة أيام إلى أن تأكدوا من انتصارنا فرست في الإسكندرية، ولما سألناهم عن أسباب التأخير قالوا إن السفينة قد تاهت في البحر.
"خدع الحرب"
وقد لجأ السادات إلى عدة حيل لخداع إسرائيل، وروى الرئيس ذلك في مذكراته قائلًا "لم أكن أنوي أن أدخل المعركة في مايو 1973 ، ولكن كجزء من الخداع الاستراتيجي قمت بحملة في الصحف عندى وفي الدفاع الشعبي، فما كان من الإسرائيلين إلا إن صدقوا، وفي الأيام المناسبة للحرب حشدوا جيوشهم بينما كنت أنا في حالة استرخاء تام، وفي أغسطس من نفس العام فعلت نفس الشيء وكان رد الفعل في إسرائيل هو نفس ما صنعوه في مايو، فأعلنوا التعبئة، لذلك عندما سُئل موشي ديان بعد حرب أكتوبر لماذا لم يعلن التعبئة في أكتوبر قال "إن السادات قد دفعني إلى هذا مرتين مما كلفنى في كل مرة عشرة ملايين دولار دون جدوى، فلما جاءت المرة الثالثة ظننت أنه غير جاد مثلما حدث في المرتين السابقتين لكنه خيب ظني".
أم الخطة الأخرى عنما كنت في زيارة وزير خارجية دولة أجنبية، فقلت له وكنا في سبتمبر 73 بلغ رئيس جمهوريتك بينك وبينه ما يطلعش السر ده بره، إني سأذهب إلى الأمم المتحدة في أكتوبر القادم، بس مش عاوز أعلن هذا"، وكنت أعلم أن هذا الخبر بعد ثوان سوف يصل إلى إسرائيل، وقد حدث وبناء عليه فهمت إسرائيل إنى غير مقدم على الحرب.
"بدء المعركة"
"بدأ العد التنازلي"..وصف السادات اقتراب موعد الحرب بهذا التعبير، كاشفًا عن كواليس هذه الأيام، "خرجت القطع البحرية قبل المعركة لتتخذ أماكنها في الحرب قبل ساعة الصفر بعشرة أيام، وفي الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر السبت 6 أكتوبر حضر المشير أحمد إسماعيل وتوجهنا إلى غرفة العمليات، وفي الساعة الثانية تمامًا وصل الخبر بأن طائرتنا قد عبرت قناة السويس، وكانت 222 طائرة نفاثة انتهت من ضربتها الأولى في ثلث ساعة فقدنا فيها 5 طائرات فقط، وفقدت في تلك اللحظات الأولى من الحرب أخى الطيار الشهيد عاطف ولكنهم أخفوا علي نبأ استشهاده".
ونجحت حركة الطيران نجاحَا كاملا، وبعد 20 دقيقة فقط كانت طائرتنا قد ضربت مراكز القيادة ومراكز إدارة الطيران ومراكز إدارة الدفاع الجوي، وبعد ضربة الطيران بدأت المدفعية المصرية تزمجر بأكبر تركيز شهده العالم، ذ انطلقت قذائف المدافع، وهكذا بدأت ملحمة 6 أكتوبر.
كان في الخطة أن ضربة الطيران تليها ضربة المدفعية، وتحت ستار ضرب المدفعية يتم العبور، ولكن الذي حدث أن العبور تم أثناء عملية الطيران وقبل أن تبدأ المدفعية، وبعد العبور دخل جنودنا على الحاجز الترابي الذي كان في بعض مواقعه يبلغ ارتفاعه 17 مترًا، واستخدموا في تسلقه عمليات بدائية أذهلت العالم، عبارة عن سلم من الحبال يحمله الجندي ثم يتسلق الحاجز الترابي، وعندما يبلغ القمة يطرح السلم لأخوانه فيتسلقونه وهم يحملون الأسلحة المضادة للدبابات من صورايخ ومدفعية ثقيلة، وبسرعة يستولون على المواقع التي أعدها الإسرائيليون خلف الساتر الترابي على الضفة الشرقية، ليتربصوا فيها بالعدو ويستروا زملاءهم الذين يعبرون.
ورفع العلم على الضفة الشرقية، وبدأ سقوط النقاط الحصينة في خط بارليف الواحدة بعد الآخرى، وفي نهاية ست ساعات كان قد اتضح تمامًا أن اليهود قد فقدوا توازنهم وفقدوا السيطرة، أي فقدوا الاتصال بينها وبين القوات، وبعد عبور القوات الحاملة للصواريخ والمدفعية بدأ المهندسون في تطبيق نظرية شق الحاجز الترابي بخراطيم المياه المكثفة، ومن قوة المياه قطع الساتر الرملي وفتحت الثغرات وركبت فيها الكباري وعبرت الدبابات.
"كذب الاتحاد السوفيتي"
بعد بداية المعركة أبلغوني أن السفير السوفيتي وكنت أظنه يحمل رد القيادة السوفيتية على سؤالي بما موقفه من الحرب، ولكن خاب ظني فقد جاء ليقول لي إن الرئيس حافظ الأسد استدعى السفير السوفيتي وطلب من الاتحاد السوفيتي العمل على وقف إطلاق النار بعد 48 ساعة على الأكثر من بدء العمليات، ولكنني أخبرته أنه حتى وإن كان هذا مطلب الأسد فأنني لن أوقف إطلاق النار إلا بعد الانتهاء من الاهداف الأساسية المحددة لمعركتي، وسألته عن إجابة سؤالي بما هو موقف الاتحاد السوفيتي ليرد أن الموضوع محل دراسة.
وبعد مغادرته أرسلت برقية شفرية للرئيس الأسد بما قاله السفير وردي عليه، وجاءني الرد في 7 أكتوبر أي بعد 24 ساعة بأن هذا الذي يدعيه الاتحاد السوفيتي لم يحدث، وفوجئت بالسفير السوفيتي يطلب مقابلة عاجلة معي، قابلته وقلت له "من نصف ساعة فقط تلقيت الرد من الأسد وهو أن ما أبلغته لي رسميًا أمس كرسالة رسمية من القادة السوفيت لم يحدث"، فأبيض وجه السفير وقال "أنا جاي لك برسالة ثانية من الحكومة السوفيتية بناء على طلب سوريا للمرة الثانية بوقف إطلاق النار"، فقلت له "أرجو أن تغلق هذا الموضوع وتعتبره انتهى عند هذا الحد، فأنتم تعلمون إنني لن أوقف إطلاق النار"، وعلى الرغم من ذلك لم يكف السفير السوفيتي عن الإلحاح على وقف إطلاق النار منذ ذلك الوقت.
"الثغرة"
16 أكتوبر.. ذلك التاريخ الذي أضعف مصر بعض الشيء في المعركة، وروى السادات ما حدث في مذكراته قائلًا "أرسلت رئيس الأركان سعد الشاذلي للتعامل مع الثغرة، وكان من السهل جدًا التعامل معها في ذلك اليوم، وكان السابق فيها للزمن، ولو إنه نفذ ما طلبته منه في التوقيت الذي حددته له لأحاط شاطئ البحيرة المرة بسد يسجنهم داخلها، ويوقفهم في مكانهم، وكان من السهل القضاء عليهم، وكان من الممكن أن ينتهي من العملية كلها بعد وصوله بساعات، لكنه أضاع الليلة بأكملها في جمع المعلومات، وإنشاء قيادة له ينافس بها قيادة غريمه إسماعيل، وكانت قوات الدفرسوار قد تقدمت ووصلت فعلًا إلى نقطة النزول، لكن الشاذلي أعطاهم الأمر بالانسحاب، إلى أن يجمع المعلومات، وكانت النتيجة أن توسع اليهود في الثغرة.
وفي يوم 19 أكتوبر عاد الشاذلي منهار وقال لابد أن نسحب قواتنا في شرق القناة، لان الغرب مهدد، لكني أعطيت الأمر بعدم انسحاب أي جندي، وأعطيت تعليماتي في هذه الليلة بعزل الشاذلي من رئاسة الأركان على ألا يعلن القرار على القوات، وعينت الجمسي رئيسًا للأركان، وفي هذه الليلة اتحذت قرار بوقف إطلاق النار، فقد ظللت 10 أيام أحارب فيها أمريكا وحدي، بأسلحتها الحديثة التي لم تستخدم من قبل، فكانت أمريكا وإسرائيل في وجهي والاتحاد السوفيتي يحمل في يده خنجرًا في ظهري، على الرغم من اعتقاد العالم أن الاتحاد السوفيتي يساعدنا.
"تدخل أمريكا"
"أرفض مواجهة أمريكا".. تلك الكلمات التي جاءت في مذكرات الرئيس، حينما أشار إلى تدخل أمريكا في الحرب، وروي ما حدث قائلًا "بعد اليوم الثالث تأكد انتصارنا، ففي هذه الأيام الثلاثة فقدت إسرائيل أكثر من ثلث سلاح طيرانها على الجبهتين المصرية والسورية، وعلى الرغم من ذلك كان ينشر الإعلام الإسرائيلي أنهم يطحنون عظام المصريين، وسايرتهم إذاعات العالم، وفي اليوم الرابع أفاق كسينجر على نداء إسرائيل ومطالبتها بدبابات وتقرير البنتاجون الذي قال أن المعركة تسير في غير صالح إسرائيل، وبكاء ديان على الجبهة المصرية أمام جميع مراسلي الصحف العالمية وانهياره، حاول كسينجر منذ ذلك الوقت التدخل لوقف إطلاق النار مع السوفيت، ولكنني رفضت.
اتضح لي بعد أن القمر الصناعي الأمريكي الذي كان يوصل المعلومات لإسرائيل ساعة بعد ساعة أخطرهم بنقل الفرقة 21 المدرعة المصرية من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية لمحاولة تخفيف الضغط على سوريا كما طلب الأسد، وأن البنتاجون نصح الإسرائيلين بمحاولة عمل الثغرة لإنقاذ الموقف الإسرائيلي المنهار، وتم استخدام الكوبري الدولي الأمريكي لنجدة إسرائيل، واستخدموا مطار العريش لنزول الطائرات الأمريكية التي تحمل الدبابات وكل الأسلحة الحديثة، وكنت كلما أصبت لإسرائيل عشرة دبابات أرى مزيدًا من الدبابات.
وأطلقت إسرائيل صاروخان على بطاريتين مصريتين للصواريخ فعطلا البطاريتين تعطيلًا كاملًا، وعرفت بعد ذلك أنه صاروخ أمريكي جديد يسمى القنبلة التليفزيونية تم تطويره في اليابان لحساب أمريكا، وأنه كان لا يزال تحت الاختبار في أمريكا، فأرسلته أمريكا لنجدة إسرائيل.
لقد دخلت أمريكا الحرب لإنقاذ إسرائيل حتى بالأسلحة التي تحت الاختبار، وقنبلة المافريك وأسلحة أخرى، ولانني أعرف إمكانياتي لا أحارب أمريكا، لذلك أرسلت برقية للرئيس الأسد في 19 أكتوبر أخطره فيها أنني قررت الموافقة على وقف إطلاق النار، وإنني لا أخاف إسرائيل ولكن أرفض مواجهة أمريكا، وبدأت في تنفيذ قراري، وأستدعيت السفير السوفيتي بقبولي وقف إطلاق النار، واجتمع مجلس الأمن وقرر أن يكون وقف إطلاق النار في الساعة السابعة مساء 22 أكتوبر.
انتهزت إسرائيل وقف إطلاق النار ووجهت هجومًا نحو الجنوب تجاه السويس وأخر تجاه الإسماعيلية، من أجل توسيع الثغرة، وأمرت قادة الجيشين الثاني والثالث بألا يسمحوا لقوات إسرائيل بالتوسع، وبالفعل لم يتمكنوا من دخولهما على الإطلاق، وحينما يآسوا من الوصول اكتفوا بالوقوف في الثغرة، وبدأت قواتنا في الغرب تضغط عليهم باستمرار.
وفي ديسمبر 73 كنت مستعدًا لتصفية الثغرة، فقد بدأت قواتنا حرب الاستنزاف، ولم يتوقف ضغطها على الثغرة لحظة واحدة مما جعلنا نكسب أرضًا جديدة كل يوم.
No comments:
Post a Comment